فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (7):

{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)}
{لَقَدْ حَقَّ} جواب لقسم محذوف أي والله لقد ثبت ووجب {القول} الذي قلته لإبليس يوم قال: {لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 28] وهو {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ} [هود: 119] {على أَكْثَرِهِمْ} متعلق بحق. والمراد سبق في علمي دخول أكثرهم فيمن أملأ منهم جهنم وهم تبعة إبليس كما يشير إليه تقديم الجنة على الناس وصرح به قوله تعالى: {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85].
ولا مانع من أن يراد بالقول لكن المشهور ما تقدم، وظاهر كلام الراغب أن المراد بالقول علم الله تعالى بهم ولا حاجة إلى التزام ذلك، وقيل: الجار متعلق بالقول ويقال قال عليه إذا تكلم فيه بالشر، والمراد لقد ثبت في الأزل عذابي لهم، وفيه ما فيه، ويؤيد تعلقه بحق قوله تعالى: {إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [يونس: 96]، ونقل أبو حيان أن المعنى حق القول الذي قاله الله تعالى على لسان الرسل عليهم السلام من التوحيد وغيره وبان برهانه وهو كما ترى.
{فَهُمُ} أي الأكثر {لاَ يُؤْمِنُونَ} بإنذارك إياهم، والفاء تفريعية داخلة على الحكم المسبب عما قبله فيفيد أن ثبوت القول عليهم علة لتكذيبهم وكفرهم وهو علة له باعتبار سبق العلم بسوء اختيارهم وما هم عليه في نفس الأمر فإن علمه تعالى لا يتعلق بالأشياء إلا على ما هي عليه في أنفسها ومآله إلى أن سوء اختيارهم وما هم عليه في نفس الأمر علة لتكذيبهم وعدم إيمانهم بعد الإنذار فليس هناك جبر محض ولا أن المعلوم تابع للعلم.
وقال بعضهم: الفاء إما تفريعية وكون ثبوت القول علة لعدم إيمانهم مبني على أن المعلوم تابع للعلم وإما تعليلية مفيدة أن عدم الإيمان علة لثبوب القول بناءً على أن العلم تابع للمعلوم، ولا يلزم الجبر على الوجهين، أما على الثاني فظاهر، وأما على الأول فلأن العلم ليس علة مستقلة عند القائل بذلك بل لاختيارهم وكسبهم مدخل فيه فتأمل.
والتفريع هو الذي أميل إليه.

.تفسير الآية رقم (8):

{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)}
{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أعناقهم} جمع عنق بالضم وبضمتين وهو الجيد ويقال عنيق كأمير وعنق كصرد {أغلالا} جمع غل بالضم وهو على ما قيل ما يشد به اليد إلى العنق للتعذيب والتشديد، وفي البحر الغل ما أحاط بالعنق على معنى التثقيف والتضييق والتعذيب والأسر ومع العنق اليدان أو اليد الواحدة.
وذكر الراغب أنه ما يقيد به فتجعل الأعضاء وسطه، وأصله من الغلل تدرع الشيء وتوسطه ومنه الغلل للماء الجاري بين الشجر وقد يقال له الغيل، وكأن في الكلام عليه قلبًا أي جعلنا أعناقهم في أغلال كما تقول جعلت الخاتم في أصبعي أي جعلت أصبعي في الخاتم، وجوز أن يكون على حد {لاَصَلّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل} [طه: 71] والتنوين للتعظيم والتهويل أي أغلالًا عظيمة هائلة، وإسناد الفعل إلى ضمير العظمة مما يؤيد ذلك {فَهِىَ} أي الأغلال كما هو الظاهر {إِلَى الاذقان} جمع ذقن بالتحريك مجتمع اللحيين من أسفلهما، وأل للعهد أو عوض عن المضاف إليه والظرف متعلق بكون خاص خبر هي أي فهي واصلة أو منتهية إلى أذقانهم، والفاء للتفريع، وقيل: لمجرد التعقيب بناءً على عدم حمل التنوين على التعظيم والتهويل، وقوله تعالى: {فَهُمُ} نتيجة {فَهِىَ إِلَى الاذقان} فالفاء تفريعية أيضًا، والمقمح على ما في النهاية الذي يرفع رأسه ويغض بصره وكأنه أراد المجهول بحيث يرفع إلخ.
وقال أبو عبيدة: يقال قمح البعير قموحًا إذا رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب والجمع قماح، ومنه قول بشر يصف سفينة أخذهم الميد فيها:
ونحن على جوانبها قعود ** نغض الطرف كالإبل القماح

وقال الليث: هو رفع البعير رأسه إذا شرب الماء الكريه ثم يعود، ومنه قيل للكانونين شهرًا قماح بضم القاف وكسرها لأن الإبل إذا وردت الماء ترفع رؤوسها لشدة برده، وقال الراغب: القمح رفع الرأس لسف الشيء المتخذ من القمح أي البر إذا جرى في السنبل من لدن الإنضاج إلى حين الاكتناز ثم يقال لرفع الرأس كيفما كان قمح، وقمح البعير رفع رأسه وأقمحت البعير شددت رأسه إلى خلف، وقيل: المقمح الذي يجذب ذقنه حتى يصير في صدره ثم يرفع، وقال مجاهد: القامح الرافع الرأس الواضع يده على فيه، وقال الحسن: هو الطامح ببصره إلى موضع قدمه، وظاهره يقتضي أن يكون هناك نكس للرأس والمعروف في القمح الرفع، ووجه التفريع أن طوق الغل الذي في عنق المغلول يكون في ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة فيها رأس العمود نادرًا من الحلقة إلى الذقن فلا يخليه يطأطئ ويوطئ قذاله فلا يزال مقمحًا لاسيما إذا كان الغل عظيمًا، وقال ابن عطية: إن الأغلال عريضة تبلغ بحروفها الأذقان أي فيحصل القمح، وكلام ابن الأثير يشعر أن القمح لضيق الغل، وإن أريد جعلنا في كل من أعناقهم أغلالًا كان أمر القمح أظهر وأظهر، وقال البغوي.
والطبري. والزجاج. والطبرسي: ضمير هي للأيدي وإن لم يتقدم لها ذكر لوضوح مكانها من المعنى لأن الغل يتضمن العنق واليد ولذلك سمي جامعة وما يكون في العنق وحده أو في اليد وحدها لا يسمى غلًا فمتى ذكر مع العنق فاليد مرادة أيضًا ومتى ذكر مع اليد كما في قراءة ابن عباس {فَى أَيْدِيهِمْ أغلالا} وفي قراءة ابن مسعود {فِى أيمانهم أغلالا} فالعنق مراد أيضًا، وهذا ضرب من الإيجاز والاختصار ونظير ذلك قول الشاعر:
وما أدري إذا يممت أرضا ** أريد الخير أيهما يليني

أألخير الذي أنا أبتغيه ** أم الشر الذي لا يأتليني

حيث ذكر الخير وحده وقال أيهما أي الخير والشر، وقد علم أن الخير والشر يعرضان للإنسان، واختار الزمخشري ما تقدم ثم قال: والدليل عليه قوله تعالى: {فَهُم مُّقْمَحُونَ} ألا ترى كيف جعل الإقماح نتيجة {فَهِىَ إِلَى الاذقان} ولو كان الضمير للأيدي لم يكن معنى التسبب في الأقماح ظاهرًا على أن هذا الإضمار فيه ضرب من التعسف، وترك الظاهر الذي يدعوه المعنى إلى نفسه إلى الباطن الذي يجفو عنه ترك للحق الأبلج إلى الباطل اللجلج اه، وصاحب الانتصاف أراد الانتصار للجماعة فقال: يحتمل أن يكون الفاء في {فَهُم مُّقْمَحُونَ} للتعقيب كسابقه أو للتسبب فإن ضغط اليد مع العنق يوجب الإقماح لأن اليد تبقى ممسكة بالغل تحت الذقن رافعة لها ولأن اليد إذا كانت مطلقة كانت راحة للمغلول فرا يتحيل بها على فكاك الغل فيكون منبهًا على انسداد باب الحيلة اه.
قال صاحب الكشف: والجواب أنه لا فخامة للتعقيب المجرد، ثم إن ما ذكره الزمخشري وقد أشرنا إليه نحن فيما سبق مستقل في حصول الإقماح فأين التعقيب، وبه خرج الجواب عن التسبب، وقوله ولأن اليد إلخ لا يستقل جوابًا دون الأولين اه، وعلى العلات رجوع الضمير إلى الأغلال هو الحري بالاعتبار وبلاغة الكتاب الكريم تقتضيه ولا تكاد تلتفت إلى غيره.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9)}
{وَجَعَلْنَا} عطف على {جَعَلْنَا} السابق {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} من قدامهم {سَدّا} عظيمًا وقيل نوعًا من السد {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} من ورائهم {سَدّا} كذلك والقدام والوراء كناية عن جميع الجهات {فأغشيناهم} فغطينا بما جعلناه من السد أبصارهم، وعن مجاهد {فأغشيناهم} فألبسنا أبصارهم غشاوة {فَهُمُ} بسبب ذلك {لاَّ يُبْصِرُونَ} لا يقدرون على إبصار شيء ما أصلًا.
وقرأ جمع من السبعة وغيرهم {سَدّا} بضم السين وهي لغة فيه، وقيل ما كان من عمل الناس فهو بالفتح وما كان من خلق الله تعالى فهو بالضم، وقيل بالعكس. وقرأ ابن عباس. وعمر بن عبد العزيز. وابن يعمر. وعكرمة. والنخعي. وابن سيرين. والحسن. وأبو رجاء. وزيد بن علي. وأبو حنيفة. ويزيد البربري. ويزيد بن المهلب. وابن مقسم {فأغشيانهم} بالعين من العشا وهو ضعف البصر، ومجموع المتعاطفين من قوله تعالى: {تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا} إلخ تأكيد وتقرير لما دل عليه قوله سبحانه: {لَقَدْ حَقَّ القول على أَكْثَرِهِمْ} [يس: 7] إلخ من سوء اختيارهم وقبح حالهم فإن جعل الله تعالى إياهم بما أظهر فيهم من الإعجاب العظيم بأنفسهم مستكبرين عن اتباع الرسل عليهم السلام شامخين برؤوسهم غير خاضعين لما جاؤوا به وسد أبواب النظر فيما ينفعهم عليهم بالكلية ليس إلا لأنهم سيئو الاختيار وقبيحو الأحوال قد عشقت ذواتهم ما هم عليه عشقًا ذاتيًا وطلبته طلبًا استعداديًا فلم تكن لها قابلية لغيره ولم تلتفت إلى ما سواه، وإذا قايست بين ذواتهم وما هم عليه وبين الجسم والحيز أو الثلاثة والفردية مثلًا لم تكد تجد فرقًا {وَمَا ظَلَمَهُمُ الله ولكن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: 33] ففي الكلام تشبيهات متعددة كما لوحنا إليه، وهذا الوجه هو الذي يقتضيه ما عليه كثير من الأجلة وإن لم يذكروه في الآية؛ وفي الانتصاف إذا فرق التشبيه كان تصميمهم على الكفر مشبهًا بالأغلال وكان استكبارهم عن قبول الحق والتواضع لاستماعه مشبهًا بالإقماح لأن المقمح لا يطأطأ رأسه، وقوله تعالى: {فَهِىَ إِلَى الاذقان} [يس: 8] تتمة للزوم الإقماح لهم وكان عدم النظر في أحوال الأمم الخالية مشبهًا بسد من خلقهم وعدم النظر في العواقب المستقبلة مشبهًا بسد من قدامهم وفي التيسير جمع الأيدي إلى الأذقان بالأغلال عبارة عن منع التوفيق حتى استكبروا عن الحق لأن المتكبر يوصف برفع العنق والمتواضع بضده كما في قوله تعالى: {فَظَلَّتْ أعناقهم لَهَا خاضعين} [الشعراء: 4] ولم يذكر المراد بجعل السد، وذكر الإمام أن المانع عن النظر في الآيات قسمان قسم يمنع عن النظر في الأنفس فشبه ذلك بالغل الذي يجعل صاحبه مقمحًا لا يرى نفسه ولا يقع بصره على بدنه وقسم يمنع عن النظر في الآفاق فشبه ذلك بالسد المحيط فإن المحاط بالسد لا يقع نظره على الآفاق فلا يظهر له ما فيها من الآيات فمن ابتلي بهما حرم عن النظر بالكية، واختار بعضهم كون {إِنَّا جَعَلْنَا} إلخ تمثيلًا مسوقًا لتقرير تصميمهم على الكفر وعدم ارعوائهم عنه فيكون قد مثل حالهم في ذلك بحال الذين غلت أعناقهم، وجوز في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا} إلخ أن يكون تتمة لذلك وتكميلًا له وأن يكون تمثيلًا مستقلًا فإن جعلهم محصورين بين سدين هائلين قد غطيا أبصارهم بحيث لا يبصرون شيئًا قطعًا كاف في الكشف عن كمال فظاعة حالهم وكونهم محبوسين في مطمورة الغي والجهالات.
وقال أبو حيان الظاهر أن قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا} الآية على حقيقتها لما أخبر تعالى أنهم لا يؤمنون أخبر سبحانه عن شيء من أحوالهم في الآخرة إذا دخلوا النار، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع، ولا يضعف هذا كما زعم ابن عطية قوله تعالى: {فأغشيناهم فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} لأن بصر الكافر يومئذٍ حديد يرى قبح حاله، ألا ترى إلى قوله سبحانه: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ عُمْيًا} [الإسراء: 97] وقوله سبحانه: {قَالَ رَبّ لِمَ حَشَرْتَنِى أعمى} [طه: 125] فإما أن يكون ذلك حالين وإما أن يكون قوله تعالى: {فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ} [ق: 22] كناية عن إدراكه ما يؤول إليه حتى كأنه يبصره، واعترض بعضهم عليه بأنه يلزم أن يكون الكلام أجنبيًا في البين وتوجيهه بأنه كالبيان لقوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ القول على أَكْثَرِهِمْ} [يس: 7] قد دغدغ فيه، والإنصاف أنه خلاف الظاهر، وقال الضحاك: والفراء في قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أعناقهم أغلالا} [يس: 8] استعارة لمنعهم من النفقة في سبيل الله تعالى كما قال سبحانه: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ} [الإسراء: 29] ولعله جعل الجملة الثانية استعارة لمنعهم عن رؤية الخير والسعي فيه، ولا يخفى أن كون الكلام على هذا أجنبيًا في البين في غاية الظهور، وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة فتأذى به ناس من قريش حتى قاموا ليأخذوه فإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم وإذا هم لا يبصرون فجاؤا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ننشدك الله تعالى والرحم يا محمد قال: ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة فدعا النبي عليه الصلاة والسلام حتى ذهب ذلك عنهم فنزلت يس {والقرآن الحكيم} إلى قوله سبحانه: {أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [يس: 1-10] فلم يؤمن من ذلك النفر أحد، وروي أن الآيتين نزلتا في بني مخزوم وذلك أن أبا جهل حمل حجرًا لينال بهاما يريد برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فأثبتت يده إلى عنقه حتى عاد إلى أصحابه والحجر قد لزق بيده فما فكوه إلا بجهد فأخذه مخزومي آخر فلما دنا من الرسول صلى الله عليه وسلم طمس الله تعالى بصره فعاد إلى أصحابه فلم يبصرهم حتى نادوه فقام ثالث فقال: لأشدخن أنا رأسه ثم أخذ الحجر وانطلق فرجع القهقرى ينكص على عقبيه حتى خر على قفاه مغشيًا عليه فقيل له: ما شأنك؟ قال: عظيم رأيت الرجل فلما دنوت منه فإذا فحل ما رأيت فحلًا أعظم منه حال بيني وبينه فواللات والعزى لو دنوت منه لأكلني فجعل الغل يكون استعارة عن منع من أراد أذاه عليه الصلاة والسلام وجعل السد استعارة عن سلب قوة الإبصار كما قيل، وقال السدي: السد ظلمة حالت فمنعت الرؤية، وجاء في الآثار غير ذلك مما يقرب منه والربط عليها غير ظاهر، ولعله باعتبار إشارة الآيتين إلى ما هو عليه من التصميم على الكفر وشدة العناد؛ ومع هذا الأرجح في نظر البليغ حمل الكلام على غير ما تقتضيه ظواهر الآثار مما سمعت وليس فيها ما ينافيه عند التحقيق فتأمل.